أركان العقيدة الإسلامية
الركن الأوّل
1
الإيمان بالله وحده
لقد بيّن القرآن الكريم اُصول العقيدة الإسلامية على أنّها المحور الذي يتحرّك من خلاله المسلمون وهذا المحور قابل للتعايش الدائم مع الذهن الإنساني الفطري.
إنّ الإنسان الذي يؤمن بالله الواحد الذي اليه مرجع الاُمور ومصائر الخلائق لا يتجاوز دوره الإيجابي في الحياة.
ويتجلّى بعض من أدواره في الإنسجام مع غير دائرته الإسلامية بإعتبار أنّ كلّ دوائر التوحيد على إمتداد مساحة الديانات المتعدّدة هي عقيدة "شرع لكم من الدين ماوصّى به نوحاً والذي أوحينا اليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه"(1).
فعقيدة التوحيد واحدة في كلّ الديانات وإن تفاوتت في بعض التفاصيل وهي بالمجموع المكوّر لا تخرجها من دائرة توحيد الله سبحانه، علماً أنّ هذه التفاصيل هي إجتهادات بشرية ونتاج رؤى من كتب ودوّن ، أمّا العقيدة التوحيدية عند جميع أنبياء الله سبحانه فهي واحدة " إنّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم فيها النبيّون والأحبار بما إستحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء"(2).
وعندما جاء الإسلام بعقيدة هي عقيدة جميع أنبياء الله سبحانه وجد أنّ المؤسسة الدينية لأهل الكتاب بيدها مجموعة عقائد تتقاطع مع عقيدته فأعلن إكتفاءه منهم الإيمان بالله واليوم الآخر وأن لا يقفوا بوجه حرية الإعتقاد التي نادى بها " إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والصّابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"(3).
ومن هنا إحتفظ أهل الكتاب بما يعتقدون على طول وجود دولة الإسلام ولم تفرض عقيدة التوحيد من وجهة نظر الإسلام على أحدٍ منهم، ولقد تعايش الموحدون جميعاً في ظلّ هذه الحرية ، ولولا هذه الحرية لما وصل تراث الديانات ولا بقي لها بريق يذكر.
إذ من أولويات ما يترتّب على الإيمان بالله الواحد هو أن تفسح المجال للآخر وتمنحه الحرية فيما يعتقد من دون أن تضع على طريقه الحجارة ، ولقد تخلّص المسلمون الموحدون من مضايقة أحدٍ من أهل الكتاب ذلك أنّهم يؤمنون بأنبياء الله جميعهم وبالكتب المنزلة عليهم ، وبقيت الكرة في ملعب الآخر فهل يعتقد بمحمّد وبرسالته ؟ وهل يترك الآخر يمارس إعتقاده بحرية؟!.
مرّ زمن على الناس ومن دون رجعة شهد فيها الواقع ممارسات ما كانت تلتقي ونبض رسالات السماء كلّها.
الهوامش:
1-سورة الشورى:13
2-سورة المائدة:44
3-نفسها:69